فصل: قال الفخر:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم



وذلك أنهم قتلوا صاحبَ لِوَاء المشركين وسبعةَ نفر منهم بعدَه على اللواء، وكان الظفر ابتداءً للمسلمين غير أنهم اشتغلوا بالغنيمة، وترك بعضُ الرّماة أيضا مركزَهم طلبًا للغنيمة فكان ذلك سبب الهزيمة.
روى البخاري عن البَرَاء بن عازب قال: لما كان يوم أحُدٍ ولقينا المشركين أجلس رسول الله صلى الله عليه وسلم أناسًا من الرُّماة وأمَّر عليهم عبد الله بن جبير وقال لهم: «لا تبرحوا من مكانكم (إن رأيتمونا ظهرنا عليهم فلا تبرحوا) وإن رأيتموهم قد ظهروا علينا فلا تُعينونا عليهم» قال: فلمّا التقى القوم وهزمهم المسلمون حتى نظرنا إلى النساء يَشّتَدِدْن في الجبل، وقد رفعن عن سُوقِهن قد بدت خلاخِلُهن فجعلوا يقولون: الغنيمةَ الغنيمةَ.
فقال لهم عبد الله: أمهلوا أما عَهِد إليكم رسول الله صلى الله عليه وسلم ألاّ تبرحوا، فانطلقوا فلما أتوهم صرف الله وجوههم وقُتِل من المسلمين سبعون رجلًا.
ثم إنّ أبا سفيان بن حرب أشرف علينا وهو في نَشَزٍ فقال: أفي القوم محمدٌ؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لا تُجيبوه» حتى قالها ثلاثًا.
ثم قال: أفي القوم ابن أبي قُحافة؟ ثلاثًا، فقال النبيّ؛ «لا تُجيبوه» ثم قال: أفي القوم عمر بن الخطاب؟ ثلاثًا، فقال النبيّ: «لا تُجيبوه» ثم التفت إلى أصحابه فقال: أمّا هؤلاء فقد قتِلوا.
فلم يملك عمر رضي الله عنه نفسه دون أن قال: كذبتَ يا عدوّ الله قد أبقى الله لك من يُخزِيك به.
فقال: أُعْلُ هُبَل؛ مرتين.
فقال النبيّ صلى الله عليه وسلم: «أجيبوه» فقالوا: ما نقول يا رسول الله؟ قال: «قولوا الله أعلى وأجَلّ».
قال أبو سفيان: لنا العُزَّى ولا عُزّى لكم. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «أجيبوه».
ما نقول يا رسول الله؟ قال: قولوا «الله مولانا ولا مَوْلَى لكم».
قال أبو سفيان: يومٌ بِيَوْم بَدْرٍ، والحرب سِجَال، أمَا إنكم ستجدون في القوم مُثْلة لم آمر بها ولم تسؤْني.
وفي البخاري ومسلم عن سعد بن أبي وقاصٍ قال: رأيت عن يمين رسول الله صلى الله عليه وسلم وعن شماله يوم أحُد رجلين عليهما ثياب بيض يقاتلان عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أشدّ القتال.
وفي رواية عن سعد: عليهما ثياب بيض ما رأيتهما قبلُ ولا بعدُ.
يعني جِبريل ومِيكائيل.
وفي رواية أخرى: يقاتلان عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أشدّ القتال ما رأيتهما قبل ذلك اليوم ولا بعده.
وعن مجاهد قال: لم تقاتل الملائكة معهم يومئذ، ولا قبله ولا بعده إلاَّ يوم بدر.
قال البيهقُي؛ إنما أراد مجاهد أنهم لم يقاتلوا يوم أُحُد عن القوم حين عصوا الرسول ولم يصبروا على ما أمرهم به.
وعن عروة بن الزبير قال: وكان الله عزّ وجلّ وعدهم على الصبر والتقوى أن يُمِدَّهم بخمسة آلافٍ من الملائكة مسوّمين: وكان قد فعل: فلما عَصَوْا أمر الرسول وتركوا مَصَافَّهُم وترك الرماةُ عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم إليهم ألاّ يبرحوا من منازلهم، وأرادوا الدنيا، رُفع عنهم مددُ الملائكة، وأنزل الله تعالى: {وَلَقَدْ صَدَقَكُمُ الله وَعْدَهُ إِذْ تَحُسُّونَهُمْ بِإِذْنِهِ} فصدق الله وعده وأراهم الفتح، فلما عَصَوْا أعقبهم البلاء.
وعن عمير بن إسحاق قال: لما كان يوم أحُد انكشفوا عن رسول الله صلى الله عليه وسلم وسعْدٌ يَرِمي بين يديه، وفَتًى يُنَبِّل له، كلما ذهبت نَبْلَةٌ أتاه بها، قال: ارْمِ أبا إسحاق.
فلما فرغوا نظروا مَن الشابّ؟ فلم يروه ولم يعرفوه.
وقال محمد بن كعب: ولما قُتِل صاحب لواءِ المشركين وسقط لواؤهم، رفعته عَمْرَة بنت علقمة الحارِثية؛ وفي ذلك يقول حَسّان:
فَلولاَ لِواءُ الحارِثِية أصبحوا ** يباعُون في الأسواق بَيْعَ الجلائب

.قال ابن عطية:

وسبب هذه الآية: أنه لما ارتحل أبو سفيان بالكفار بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم علي بن أبي طالب وقال: انظر القوم، فإن كانوا قد جنبوا الخيل وركبوا الإبل فهم متشمرون إلى مكة، وإن كانوا على الخيل فهم عائدون إلى المدينة، فمضى علي فرآهم قد جنبوا الخيل فأخبر رسول الله صلى الله عليه وسلم، فسر وسر المسلمون، ثم رجع رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى المدينة فتجهز واتبع المشركين يريهم الجلد، فبلغ حمراء الأسد وأن أبا سفيان قال له كفار قريش: أحين قتلناهم وهزمناهم ولم يبق إلا الفل والطريد ننصرف عنهم؟ ارجع بنا إليهم حتى نستأصلهم فعزموا على ذلك، وكان معبد بن أبي معبد الخزاعي قد جاء إلى رسول الله عليه السلام وهو على كفره، إلا أن خزاعة كلها كانت تميل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال له، والله يا محمد لقد ساءنا ما أصابك، ولوددنا أنك لم ترزأ في أصحابك، فلما سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم والناس بما عزمت عليه قريش من الانصراف، اشتد ذلك عليهم، فسخر الله ذلك الرجل معبد بن أبي معبد، وألقى بسببه الرعب في قلوب الكفار، وذلك أنه لما سمع الخبر، ركب حتى لحق بأبي سفيان بالروحاء، وقريش قد أجمعوا الرجعة إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه، فلما رأى أبو سفيان معبدًا قال: ما وراءك يا معبد؟ قال: محمد قد خرج في أصحابه يطلبكم في جمع لم أرى مثله قط، يتحرقون عليكم، قد اجتمع إليه من كان تخلف عنه، وندموا على ما صنعوا، قال: ويلك ما تقول؟ قال والله ما أرى أن ترتحل حتى ترى نواصي الخيل، قال: فوالله لقد أجمعنا الكرة عليهم لنستأصل بقيتهم، قال: فإني أنهاك عن ذلك، والله لقد حملني ما رأيت على أن قلت فيه شعرًا قال وما قلت؟ قال قلت: [البسيط]
كادت تُهَدُّ مِنَ الأَصْواتِ رَاحلتي ** إذ سالتِ الأرضُ بالجُرْدِ الأَبابيلِ

ترْدِي بِأُسْدٍ كِرامٍ لا تنابلةٍ ** عندَ اللقاءِ لا ميلٍ معازيلِ

فَظلْتُ عَدْوًا أَظُنُّ الأَرْضَ مائلة ** لمّا سَمَوْا برئيسٍ غَيْرِ مَخْذُولِ

إلى آخر الشعر، فوقع الرعب في قلوب الكفار، وقال صفوان بن أمية: لا ترجعوا فإني أرى أنه سيكون للقوم قتال غير الذي كان، فنزلت هذه الآية في هذا الإلقاء، وهي بعد متناولة كل كافر، ويجري معها قول النبي عليه السلام: نصرت بالرعب مسيرة شهر، ويظهر أن هذه الفضيلة إنما أعلم عليه السلام بها بعد هذه الأحوال كلها حين امتد ظل الإسلام، قال بعض أهل العلم: أنه لما أمر الله المؤمن بالصبر، ووعده النصر، وأخبره أن الرعب ملقى في قلوب الكفار، نقص الرعب من كل كافر جزءًا مع زيادة شجاعة المؤمن، إذ قد وعد النصر فلذلك كلف المؤمن الوقوف للكافرين. اهـ.

.قال الفخر:

قد ذكرنا في قصة أحد أن النبي صلى الله عليه وسلم جعل أحدا خلف ظهره واستقبل المدينة وأقام الرماة عند الجبل، وأمرهم أن يثبتوا هناك ولا يبرحوا، سواء كانت النصرة للمسلمين أو عليهم، فلما أقبل المشركون جعل الرماة يرشقون نبلهم والباقون يضربونهم بالسيوف حتى انهزموا، والمسلمون على آثارهم يحسونهم، قال الليث: الحس: القتل الذريع، تحسونهم: أي تقتلونهم قتلا كثيرا، قال أبو عبيد، والزجاج، وابن قتيبة: الحس: الاستئصال بالقتل، يقال: جراد محسوس. إذا قتله البرد.
وسنة حسوس: إذا أتت على كل شيء، ومعنى {تحسونهم} أي تستأصلونهم قتلا، قال أصحاب الاشتقاق: حسه إذا قتله لأنه أبطل حسه بالقتل، كما يقال: بطنه إذا أصاب بطنه، ورأسه، إذا أصاب رأسه، وقوله: {بِإِذْنِهِ} أي بعلمه، ومعنى الكلام أنه تعالى لما وعدكم النصر بشرط التقوى والصبر على الطاعة فما دمتم وافين بهذا الشرط أنجز وعده ونصركم على أعدائكم، فلما تركتم الشرط وعصيتم أمر ربكم لا جرم زالت تلك النصرة. اهـ.

.بصيرة في الإحساس:

قال العلامة الفيروزآبادي:
وقد ورد في القرآن على أَربعة أَوجه:
الأَول: بمعنى الرُّؤية: {فَلَمَّا أَحَسَّ عِيسَى مِنْهُمُ الْكُفْرَ} أي أَبصر ورأى، {فَلَمَّا أَحَسُّواْ بَأْسَنَا}، {هَلْ تُحِسُّ مِنْهُمْ مِّنْ أَحَدٍ}.
الثانى: بمعنى القتل والاستئصال: {إِذْ تَحُسُّونَهُمْ بِإِذْنِهِ} أي تستأْصلونهم قتلًا.
الثالث: بمعنى البحث وطلب العلم: {فَتَحَسَّسُواْ مِن يُوسُفَ وَأَخِيهِ}.
الرّابع: بمعنى الصّوت: {لاَ يَسْمَعُونَ حَسِيَسَهَا} أي صوتها.
والأَصل فيه راجع إِلى الحاسّة، وهى القوّة التي بها يدرك الأَعراض الجِسمِيّة.
والحواسّ: المشاعر الخمس.
يقال: حَسَسْت، وحَسِسْت، وحسِيت.
وأَحْسَسْت، وأَحَسْت.
فحَسسْت على وجهين.
أَحدهما: أَصبته بِحِسِّى؛ نحو عِنْته.
والثانى: أَصبت حاسّته؛ نحو كَبَدْته.
ولمّا كان ذلك قد يتولَّد منه القتلُ (عُبر به عن القتل) فقيل: حَسَسْتُه: أي قتلته: كقوله تعالى: {إِذْ تَحُسُّونَهُمْ بإِذْنِهِ} والحَسِيس: القتيل.
ومنه جَرَاد محسوس: إِذا طُبخ، وقولهم: البَرْد مَحَسّة للنَّبت.
وانحس أَسنانه: انفعال منه (وأَما حسِست فنحو علمت وفهمت، ولكن لا يقال ذلك إِلاَّ فيما كان من جهة الحاسّة) وأَمّا حسِيت فتقلب إِحدى السّينين ياءً.
وأَمّا أَحسسته فحقيقته: أَدركته.
وأَحَسْتُ مثله؛ لكن حُذف إِحدى السّينين تخفيفًا؛ نحو ظَلْت.
وقوله تعالى: {هَلْ تُحِسُّ مِنْهُمْ مِنْ أَحَدٍ} أي هل تجد بحاسَّتك أَحدًا منهم.
وقوله: {فَلَمَّا أَحَسَّ عِيسَى مِنْهُمُ الكُفْرَ} تنبيه أنه ظهر منهم الكفر ظهورا بان للحسّ، فضلًا عن التفهّم.
والحُساس: عبارة عن سُوءِ الخُلُق، على بناءِ زُكام وسعال. اهـ.

.من أقوال المفسرين في قوله تعالى: {حتى إِذَا فَشِلْتُمْ وتنازعتم في الأمر وَعَصَيْتُمْ مّن بَعْدَمَا أَرَاكُمْ مَّا تُحِبُّونَ}:

.قال الفخر:

لقائل أن يقول ظاهر قوله: {حتى إِذَا فَشِلْتُمْ} بمنزلة الشرط، ولابد له من الجواب فأين جوابه؟
واعلم أن للعلماء هاهنا طريقين:
الأول: أن هذا ليس بشرط، بل المعنى، ولقد صدقكم الله وعده حتى إذا فشلتم، أي قد نصركم إلى أن كان منكم الفشل والتنازع، لأنه تعالى كان إنما وعدهم بالنصرة بشرط التقوى والصبر على الطاعة، فلما فشلوا وعصوا انتهى النصر، وعلى هذا القول تكون كلمة {حتى} غاية بمعنى إلى فيكون معنى قوله: {حتى إِذَا} إلى أن، أو إلى حين.
الطريق الثاني: أن يساعد على أن قوله: {حتى إِذَا فَشِلْتُمْ} شرط، وعلى هذا القول اختلفوا في الجواب على وجوه:
الأول: وهو قول البصريين أن جوابه محذوف، والتقدير: حتى إذا فشلتم وتنازعتم في الأمر وعصيتم من بعد ما أراكم ما تحبون منعكم الله نصره، وإنما حسن حذف هذا الجواب لدلالة قوله: {وَلَقَدْ صَدَقَكُمُ الله وَعْدَهُ} عليه، ونظائره في القرآن كثيرة، قال تعالى: {فَإِن استطعت أَن تَبْتَغِىَ نَفَقًا في الأرض أَوْ سُلَمًا في السماء فتأتيهم بِآية} [الأنعام: 35] والتقدير: فافعل، ثم أسقط هذا الجواب لدلالة هذا الكلام عليه، وقال: {أَمَّنْ هُوَ قَانِتٌ ءَانَاء الليل} [الزمر: 9] والتقدير: أم من هو قانت كمن لا يكون كذلك؟
الوجه الثاني: وهو مذهب الكوفيين واختيار الفراء: أن جوابه هو قوله: {وَعَصَيْتُمْ} والواو زائدة كما قال: {فَلَمَّا أَسْلَمَا وَتَلَّهُ لِلْجَبِينِ وناديناه} [الصافات: 103 104] والمعنى ناديناه، كذا هاهنا، الفشل والتنازع صار موجبًا للعصيان، فكان التقدير حتى إذا فشلتم وتنازعتم في الأمر عصيتم، فالواو زائدة، وبعض من نصر هذا القول زعم أن من مذهب العرب إدخال الواو في جواب {حتى إذا} بدليل قوله تعالى: {حتى إِذَا جَاءوهَا وَفُتِحَتْ أبوابها وَقَالَ لَهُمْ خَزَنَتُهَا} [الزمر: 71] والتقدير حتى إذا جاؤها فتحت لهم أبوابها.
فإن قيل: إن فشلتم وتنازعتم معصية، فلو جعلنا الفشل والتنازع علة للمعصية لزم كون الشيء علة لنفسه وذلك فاسد.
قلنا: المراد من العصيان هاهنا خروجهم عن ذلك المكان، ولا شك أن الفشل والتنازع هو الذي أوجب خروجهم عن ذلك المكان، فلم يلزم تعليل الشيء بنفسه.
واعلم أن البصريين إنما لم يقبلوا هذا الجواب لأن مذهبهم أنه لا يجوز جعل الواو زائدة.
الوجه الثالث في الجواب: أن يقال تقدير الآية: حتى إذا فشلتم وتنازعتم في الأمر وعصيتم من بعدما أراكم ما تحبون، صرتم فريقين، منكم من يريد الدنيا، ومنكم من يريد الآخرة.
فالجواب: هو قوله: صرتم فريقين، إلا أنه أسقط لأن قوله: {مِنكُم مَّن يُرِيدُ الدُّنْيَا وَمِنكُم مَّن يُرِيدُ الاخرة} يفيد فائدته ويؤدي معناه، لأن كلمة من للتبعيض فهي تفيد هذا الانقسام، وهذا احتمال خطر ببالي.
الوجه الرابع: قال أبو مسلم: جواب قوله: {حتى إِذَا فَشِلْتُمْ} هو قوله: {صَرَفَكُمْ عَنْهُمْ} والتقدير حتى إذا فشلتم وكذا وكذا صرفكم عنهم ليبتليكم وكلمة {ثم} هاهنا كالساقطة وهذا الوجه في غاية البعد. والله أعلم. اهـ.
وقال الفخر:
إنه تعالى ذكر أمورا ثلاثة:
أولها: الفشل وهو الضعف، وقيل الفشل هو الجبن، وهذا باطل بدليل قوله تعالى: {وَلاَ تنازعوا فَتَفْشَلُواْ} [الأنفال: 46] أي فتضعفوا، لأنه لا يليق به أن يكون المعنى فتجبنوا.
ثانيها: التنازع في الأمر وفيه بحثان.
البحث الأول: المراد من التنازع أنه عليه الصلاة والسلام أمر الرماة بأن لا يبرحوا عن مكانهم ألبتة، وجعل أميرهم عبدالله بن جبير؛ فلما ظهر المشركون أقبل الرماة عليهم بالرمي الكثير حتى انهزم المشركون، ثم إن الرماة رأوا نساء المشركين صعدن الجبل وكشفن عن سوقهن بحيث بدت خلاخيلهن، فقالوا الغنيمة الغنيمة، فقال عبدالله: عهد الرسول إلينا أن لا نبرح عن هذا المكان فأبوا عليه وذهبوا إلى طلب الغنيمة، وبقي عبدالله مع طائفة قليلة دون العشرة إلى أن قتلهم المشركون فهذا هو التنازع.
البحث الثاني: قوله: {فِى الأمر} فيه وجهان:
الأول: أن الأمر هاهنا بمعنى الشأن والقصة، أي تنازعتم فيما كنتم فيه من الشأن.
والثاني: أنه الأمر الذي يضاده النهي.
والمعنى: وتنازعتم فيما أمركم الرسول به من ملازمة ذلك المكان.
وثالثها: وعصيتم من بعد ما أراكم ما تحبون، والمراد عصيتم بترك ملازمة ذلك المكان. اهـ.